مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/06/2022 11:03:00 م
هل سمعت يوما عن دول تستعمر الدول والشعوب - الجزء الأول - تصميم الصورة وفاء مؤذن
هل سمعت يوما عن دول تستعمر الدول والشعوب - الجزء الأول
 تصميم الصورة وفاء مؤذن
لطالما عرف التاريخ أشكالاً مختلفةً للاستعمار، من الاستعمار المباشر إلى الاستعمار غير المباشر إلى الاستيطان، ولطالما انتشرت الدول الاستعمارية وغزت الدول الضعيفة، وزادت نفوذها وأرباحها على حساب الدول الفقيرة، ولطالما بنت أمجادها فوق أجساد الشعوب المقهورة، ولكن هل سمعنا قبلاً عن شركة استعمارية؟ شركةٍ لها جيوش ومستعمرات وتفرض سيادتها على الدول؟ 

هل كانت بريطانيا دائماً الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس؟

 كلا طبعاً، فقبل القرن السابع عشر، كانت |بريطانيا| دولةً فقيرةً مزقتها الحروب الداخلية، وهي لم تعرف الاستقرار الداخلي قبل منتصف القرن السادس عشر، ولكنها حتى بعد استقرارها بقيت تعاني من مشكلةٍ أساسية، وهي كرهها ورفضها من قبل أوروبا، بعد أن فصل الملك هنري الثامن الكنيسة الإنكليزية عن الفاتيكان.

بحث بريطانيا عن حلٍ لمشاكلها الاقتصادية

بعد نبذ بريطانيا من قبل المجتمع الأوروبي، أصبح الوضع الاقتصادي لبريطانيا صعباً، فكان عليها البحث عن أسواقٍ تتاجر عبرها، فتوجّهت نحو جزر الهند الشرقية، الغنية بمنتجاتها، ولكن طرق التجارة إليها كانت حكراً على الاسبان والبرتغال، وعندما ساعدت بريطانيا الهولنديين في حربهم ضد الاسبان، قررت اسبانيا محاربة بريطانيا لتأديبها.

إنشاء الشركة الاستعمارية

رغم تفوّق القوات العسكرية الإسبانية، فإن بريطانيا استطاعت هزيمتها بأعجوبة، فاكتسبت البحرية البريطانية ثقةً كبيرة، وفي سنة 1599 اجتمع بعض التجار مع ملكة بريطانيا، وعرضوا عليها إنشاء شركةٍ للتجارة مع جزر الهند الشرقية، فحصلوا منها على ميثاق ملكي يمنحهم الحق بالتجارة والتصرف باسم الملكة وكأنهم يمثّلون التاج البريطاني نفسه.

بداية التجارة البريطانية مع الهند:

تمتّعت الشركة الجديدة بميزاتٍ فريدةٍ بموجب الميثاق الملكي، فأصبحت لديها جيوشٌ تحميها أثناء الرحلات التجارية، كما امتلكت الحق بشن الحروب وفرض الضرائب وسك العملات، حتى أنها بنت حصوناً وقلاعاً وانشأت |مستعمرات|، ولكنها في بدايتها أقامت علاقاتٍ سياسيةً جيدةً مع الحكّام في الهند، من باب التبادل التجاري ونقل البضائع.

المنافسة والحروب تفرض السياسات التجارية

كانت تجارة التوابل هي الأكثر ربحاً آنذاك، فبدأت الشركة البريطانية بالتجارة بها، ولكن الهولنديين كانوا ينافسونهم بشدةٍ في هذه التجارة، فانتقل البريطانيون إلى تجارة القطن والحرير والمنسوجات والشاي، وكان ذلك كافياً للشركة البريطانية التي نمت وتوسعت حتى سنة 1752، حيث وقعت |حربٌ| شرسة بين بريطانيا وفرنسا، وبنتيجة فوز بريطانيا في تلك الحرب، أصبحت لبريطانيا اليد العليا في منطقة شرق آسيا، وبدأت شركة الهند الشرقية البريطانية تتحول إلى |شركةٍ استعمارية|.

انهيار تجارة القطن والبحث عن بدائل

أصبحت تلك الشركة تمتلك جيشاً حقيقياً زاد عدد أفراده عن ثلاثمئة ألف، فكان أكبر من الجيش الملكي البريطاني نفسه، وأصبح مدير الشركة بمثابة الحاكم الفعلي للهند، ومنذ سنة 1770، أصبحت تجارة القطن غير مربحةٍ بالنسبة للشركة، بسبب صعود القطن المصري والأمريكي وسيطرتهما على الأسواق، فتضعضع الوضع المالي لتلك الشركة، ولم تستطع بريطانيا دعمها بسبب تردي وضعها الاقتصادي في ظل الحروب الكثيرة التي تخوضها.

اقرأ المزيد... في الجزء الثاني.

بقلمي: سليمان أبو طافش

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.